معاملات البيع العقارية انخفضت 9,24% على صعيد سنوي
وجوب إعادة توزيع التكليف الضريبي والاستقرار في السوق
هيثم العجم
2012-10-29
جريدة النهار
رغم تحسن اداء القطاع العقاري خلال ايلول الماضي، اذ ارتفع عدد المعاملات العقارية الى 6,610 معاملات مقارنة بـ 5,809 خلال آب، سُجل انخفاض العدد بنسبة 9,24 % الى 52,621 في نهاية الاشهر التسعة الاولى من 2012 مقارنة بـ 57,976 معاملة خلال الفترة عينها من 2011.
يُبدي المعنيون في القطاع انزعاجهم مما وصلت اليه الامور السياسية والامنية اخيراً، كونها تركت اثرا سلبيا لدى المستثمرين، لكن ثمة تفاؤلاً بـ "استعادة الانفاس" بعد شهر من تاريخه.
وارتفعت قيمة المعاملات العقارية 18,42% خلال ايلول الماضي الى 0,83 مليار دولار في مقابل 0,70 في آب. اما على صعيد سنوي، فزادت بـ 4,80% الى 6,32 مليارات دولار في نهاية الفصل الثالث من السنة في مقابل 6,03 مليارات خلال الفترة عينها من 2011، وفق المديرية العامة للشؤون العقارية ووحدة الابحاث الاقتصادية في بنك الاعتماد اللبناني.
كذلك زادت قيمة المعاملة العقارية الواحدة الى 120,104 دولاراً من 104,048 دولارات في الفترة عينها من العام الفائت. وانخفضت حصة الاجانب من عمليات البيع الى 1,86% من مجموع عمليات البيع العقارية حتى ايلول الماضي من 1,90 في نهاية آب و1,81 في نهاية 2011. عن متوسط قيمة المعاملة العقارية الواحدة لمدينة بيروت، ارتفع هذا الاخير الى 536,466 دولارا من 456,136 في 2011. في المقابل تحسن المتوسط في منطقتي المتن وكسروان الى 190,430 و118,237 دولارا تواليا في مقابل 170,953 و97,487 في 2011.
الواقع لا يطمئن
هل ثمة تفاؤل بمستقبل القطاع العقاري راهنا؟ يلفت نائب رئيس جمعية منشئي الابنية وتجارها عاطف داغر لـ "النهار" الى "ان واقع الحال في القطاع ليس مطمئنا، اذ يسجل بطء ملحوظ في انجاز المعاملات العقارية وعمليات البيع والشراء (ارض وشقق للسكن او المضاربة) وهذا امر طبيعي لأن المستثمرين يعولون دائما على الاستقرار السياسي والامني بغية خوض مشاريعهم الاستثمارية. وبما ان هذا الاستقرار غير متوافر في الوقت الراهن، فان الاستثمارات دخلت مرحلة جمود".
لكنه اكد انه "اذا توافر عامل الاستقرار المنشود في السوق العقارية بعد شهر من تاريخ اليوم، فان القطاع سيعود الى النهوض مجددا وسيستعيد انفاسه مشكلاً عامل جذب للمستثمرين الذين يُفضلون اطلاق مشاريعهم في لبنان وتحديدا في عاصمته التي لاتزال وستبقى لؤلؤة الشرق وبوابة حوض المتوسط والشرق الاوسط".
اعادة توزيع العبء الضريبي
هل لاعادة توزيع العبء الضريبي اثر على القطاع العقاري؟ يوضح رئيس مؤسسة جوستيسيا للانماء "الدكتور بول مرقص لـ "النهار"، انه من الضروري جعل الضرائب تصاعديَّة وإعادة توزيع العبء الضريبي وتخفيفه عن كاهل الفئات الاجتماعية، ونقل جزء أساس منه إلى "مطارح" ضريبية أخرى ربحيَّة وأكثر تحمُّلاً من سواها، تحقيقاً للعدالة الاجتماعية، مما يؤدي الى تحقيق استقرار في أسعار العقارات وفي السوق العقارية عموما ويُفسح المجال امام الشباب فرص شراء الشقق السكنية بأسعار معقولة وتناسب حاجاتهم ومداخيلهم"، لافتا الى ان "نحو 80% من الرسوم والضرائب تُجبى من ذوي الدخل المحدود والمتوسّط بينما يجدر معاملة ذوي الظروف الاقتصادية المختلفة معاملة ضريبية مختلفة Equité verticale".
ويشير الى أنّ لاعادة توزيع العبء الضريبي أبعاده الضريبية المالية على محدودي الدخل، "لذا فان ثمة خطوات تنفيذيَّة لتحقيق هذه المساواة الاجتماعية تكمن في ضرورة استحداث ضرائب ورسوم على الأرباح الناجمة عن الريع والمضاربات العقارية بما فيها المضاربات في الأسهم والأسواق الماليَّة، والتفريق في التكليف الضريبي بين العقارات المبنيَّة وغير المبنيَّة عبر تحديد مُهل معيَّنة (سقف 5 سنوات مثلاً) إذا بيعَ العقار ضمنها يُستوفى على البيع ضريبة مرتفعة (20% مثلاً)".
ويرى ان مؤدَّى الزيادة الضريبية المقترحة "يكمن في زيادة إيرادات الخزينة والتخفيف عن كاهل الفئات الاجتماعية، "اذ انَّ التكليف على البيوعات العقارية حالياً يقارب الـ 6% فقط، لذا باتت تشكل بورصة للمضاربة والربح الفاحش السريع".
ويدعو مرقص الى "تعزيز الواردات الضريبية من عائدات المخالفات على الأملاك البحرية والنهرية، وإبرام لبنان اتفاق منظمة التجارة العالميّة التي انضمَّت إليها حتى تاريخه نحو 155 دولة، والتي ترمي إلى تحرير التجارة وتعزيز المنافسة وخصوصاً حيال إلغاء الوكالات الحصرية، مما يؤدّي إلى مكافحة الاحتكارات Monopolism وتالياً خفض الأسعار في لبنان بنسبة تبلغ نحو 30%".
من الضروري مواكبة هذه الخطوة بـ "سلَّة تشريعات ابرزها مكافحة الاحتكار كما هي الحال في الولايات المتحدة، وأنظمة حماية المستهلك في الاتحاد الأوروبي وإصدار مراسيم تطبيقية لقانون حماية المستهلك في لبنان الصادر بتاريخ 4/2/2005"، وخفض الرسوم والضرائب على الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، وزيادة الرسوم والضرائب على الكماليَّات وخفضها على الحاجيات الأساسية، وإستحداث ضرائب جديدة ذات أبعاد إجتماعية إصلاحية على التلوث الناتج من السيارات والمصانع، والتلوث الناجم عن استثمار المنتجعات السياحية البحرية والتلوث البيئي الناجم عن اللوحات الإعلانية".
يتعثر التشريع في لبنان كما هي حال سائر القطاعات الاقتصادية، لذا من الضروري تضمين مشروع قانون الموازنة هذه الاقتراحات، إضافةً إلى اقترحات أخرى بغية مصالحة المواطن مع الضريبة، بدل نفوره منها الى حد جبهها والاقتصاص منها ومضاعفة نقمته العارمة على الدولة.
haytham.ajam@annahar.com.lb